كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 45)

وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ مَا نُقِل عَنِ الْبُرْهَانِ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ) إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ، فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِهِ وَصَوْمِ أَيَّامِ الْفِطْرِ وَالتَّشْرِيقِ لِمَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى أَزْهَرَ، أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ يَوْمَ الأَْضْحَى مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَصَلَّى قَبْل الْخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَال: " إِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَاكُمْ عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِن صِيَامِكُمْ، وَأَمَّا الآْخَرُ فَيَوْمُ تَأْكُلُونَ مِن نُسُكِكُمْ (1) .
وَلِمَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: " أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: " وَذِكْرِ اللَّهِ " (2) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ لِلإِْعْرَاضِ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ وَمُخَالَفَةِ الأَْمْرِ. (3)
__________
(1) حديث أبي عبيد: " أنه شهد العيد مع عمر بن الخطاب. . . أخرجه البخاري (الفتح 4 / 24) ومسلم (2 / 799) والسياق للبخاري.
(2) حديث: " أيام التشريق أيام أكل وشرب. . . بروايتيه أخرجه مسلم (2 / 800) .
(3) بدائع الصنائع 2 / 79، والفتاوى الهندية 1 / 201، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 351 ط دار الإيمان، والقوانين الفقهية ص 78، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار 2 / 339، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 60، ومغني المحتاج 1 / 433، وروضة الطالبين 2 / 366 و 3 / 311، والمدونة الكبرى 1 / 234، وعقد الجواهر الثمينة 1 / 360، وكشاف القناع 2 / 342، ولطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف ص 486 (دار ابن كثير ـ دمشق) ، والمغني لابن قدامة 3 / 163 ـ 164، 151، 152، والإنصاف 3 / 351.
8 - وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ وَإِجْزَائِهِ:
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ عَنْ فَرْضٍ وَلاَ نَفْلٍ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لاَ تَصُومُوا هَذِهِ الأَْيَّامَ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ (1) . وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: يُكْرَهُ صَوْمُ يَوْمِ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَإِنْ صَامَ فِيهَا كَانَ صَائِمًا عِنْدَنَا، وَهُوَ قَوْل أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إِذَا كَانَ الصَّائِمُ صَامَهُ عَنْ فَرْضٍ. (2)
9 - وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ أَصْبَحَ يَوْمَ النَّحْرِ صَائِمًا ثُمَّ أَفْطَرَ. . فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ
__________
(1) حديث ابن عباس: " ألا تصوموا في هذه الأيام. . أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (11 / 232) وحسن إسناده الهيثمي في مجمع الزوائد (3 / 203) .
(2) المراجع السابقة.

الصفحة 342