كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 45)
لِلْوَكِيل أَنْ يَبِيعَ لِمَحْجُورِهِ مِنْ صَغِيرٍ وَسَفِيهٍ وَرَقِيقٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لأَِنَّهُ مِنْ قَبِيل الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ كَمَا لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ شَرِيكِهِ الْمُفَاوِضِ إِنِ اشْتَرَى بِمَال الْمُفَاوَضَةِ، وَكَذَلِكَ شَرِيكُهُ الآْخِذُ بِعِنَانِهِ إِذَا كَانَ الشِّرَاءُ بِمَال الشَّرِكَةِ وَإِلاَّ جَازَ.
وَيَجُوزُ بَيْعُ الْوَكِيل مِنْ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ الرَّشِيدِ وَرَقِيقِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ بِالتِّجَارَةِ بِشَرْطِ أَنْ لاَ يُحَابِيَ لَهُمْ، فَإِنْ حَابَى مُنِعَ وَمَضَى الْبَيْعُ وَغَرِمَ الْوَكِيل مَا حَابَى بِهِ، وَالْعِبْرَةُ بِالْمُحَابَاةِ وَقْتَ الْبَيْعِ.
وَقِيل: يَجُوزُ لِلْوَكِيل أَنْ يَبِيعَ لِمَنْ ذُكِرَ. (1)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْوَكِيل بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا لاَ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ مِنْ مَحَاجِيرِهِ وَلَوْ أُذِنَ لَهُ فِيهِ، لِتَضَادِّ غَرَضَيِ الاِسْتِرْخَاصِ لَهُمْ وَالاِسْتِقْصَاءِ لِلْمُوَكِّلِ، وَلأَِنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ لِيَهَبَ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنِ انْتَفَتِ التُّهْمَةُ لاِتِّحَادِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِل.
أَمَّا بَيْعُهُ لأُِصُولِهِ كَأَبِيهِ أَوْ لِفُرُوعِهِ غَيْرِ الْمَحْجُورِينَ كَابْنِهِ الْبَالِغِ الرَّشِيدِ، فَالأَْصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ لَهُمَا لاِنْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ وَهُوَ اتِّحَادُ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ، وَلأَِنَّهُ بَاعَ بِالثَّمَنِ الَّذِي لَوْ بَاعَ بِهِ لأَِجْنَبِيٍّ لَصَحَّ، فَلاَ تُهْمَةَ حِينَئِذٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ مِنْ صَدِيقِهِ.
__________
(1) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 3 / 387 - 388، عقد الجواهر الثمينة 2 / 681.
وَمُقَابِل الأَْصَحِّ: لاَ يَصِحُّ، لأَِنَّهُ مُتَّهَمٌ بِالْمَيْل إِلَيْهِمْ كَمَا لَوْ فَوَّضَ إِلَيْهِ الإِْمَامُ أَنْ يُوَلِّيَ الْقَضَاءَ مَنْ شَاءَ، لاَ يَجُوزُ لَهُ تَفْوِيضُهُ إِلَى أُصُولِهِ وَلاَ فُرُوعِهِ. (1)
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْوَكِيل أَنْ يَبِيعَ عِنْدَ التَّوْكِيل بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا لِوَلَدِهِ أَوْ وَالِدِهِ أَوْ مُكَاتِبِهِ، لأَِنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّهِمْ وَيَمِيل إِلَى تَرْكِ الاِسْتِقْصَاءِ عَلَيْهِمْ فِي الثَّمَنِ كَتُهْمَتِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ لاَ تُقْبَل شَهَادَتُهُ لَهُمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَهُمْ: يَجُوزُ لِلْوَكِيل أَنْ يَبِيعَ لِهَؤُلاَءِ الْمَذْكُورِينَ، وَمَحَل الْخِلاَفِ إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُوَكِّل فِي ذَلِكَ، فَأَمَّا إِنْ أَذِنَ لَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَقِيل: لاَ يَصِحُّ أَيْضًا.
قَال الْمَرْدَاوِيُّ: مَفْهُومُ كَلاَمِهِ جَوَازُ بَيْعِ الْوَكِيل لإِِخْوَتِهِ وَسَائِرِ أَقَارِبِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ.
وَذَكَرَ الأَْزْجِيُّ فِيهِمْ وَجْهَيْنِ:
قَال الْمَرْدَاوِيُّ: حَيْثُ حَصَلَتْ تُهْمَةٌ فِي ذَلِكَ لاَ يَصِحُّ. (2)
__________
(1) مغني المحتاج 2 / 224 - 225، وتحفة المحتاج 5 / 318 - 319.
(2) الإنصاف 5 / 377 - 378، والمبدع 4 / 368.
الصفحة 41