كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 45)
يَشْتَرِيَ لِمُوَكِّلِهِ مِمَّا يَمْلِكُهُ مَحْجُورُهُ إِنْ لَمْ يُحَابِهِ. (1)
وَأَضَافَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يَصِحُّ لِلْوَكِيل أَنْ يَشْتَرِيَ لِمُوَكِّلِهِ مِمَّا يَمْلِكُهُ إِخْوَتُهُ وَأَقَارِبُهُ كَعَمِّهِ وَابْنَيْ أَخِيهِ وَعَمِّهِ، وَقَيَّدَ فِي الإِْنْصَافِ جَوَازَ الشِّرَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، وَحَيْثُ حَصَل تُهْمَةٌ فِي ذَلِكَ لاَ يَصِحُّ. (2)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْوَكِيل بِالشِّرَاءِ مُطْلَقًا لاَ يَشْتَرِي لِمُوَكِّلِهِ مِمَّا يَمْلِكُهُ الْوَكِيل أَوْ وَلَدُهُ الصَّغِيرُ أَوْ أَحَدُ مَحَاجِيرِهِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ، لأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ اتِّحَادِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِل وَإِنِ انْتَفَتِ التُّهْمَةُ، وَلأَِنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ لِيَهَبَ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنِ انْتَفَتِ التُّهْمَةُ، لاِتِّحَادِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِل.
وَقَالُوا فِي الأْصَحِّ: يَجُوزُ لِلْوَكِيل أَنْ يَشْتَرِيَ لِمُوَكِّلِهِ مِمَّا يَمْلِكُهُ أَبُو الْوَكِيل وَابْنُهُ الْبَالِغُ وَسَائِرُ فُرُوعِهِ الْمُسْتَقِلِّينَ.
وَمُقَابِل الأَْصَحِّ: لاَ يَجُوزُ لأَِنَّهُ مُتَّهَمٌ بِالْمَيْل إِلَيْهِمْ. (3)
__________
(1) عقد الجواهر الثمينة 2 / 681، والقوانين الفقهية 333.
(2) كشاف القناع 3 / 474، والإنصاف 5 / 378، وحاشية الدسوقي 3 / 387.
(3) مغني المحتاج 2 / 244 - 245، وانظر نهاية المحتاج 5 / 35 - 36.
ب - الْوَكَالَةُ بِالشِّرَاءِ الْمُقَيَّدَةُ:
95 - تَجُوزُ الْوَكَالَةُ بِالشِّرَاءِ الْمُقَيَّدَةُ بِشَرْطِ خُلُوِّهَا عَنِ الْجَهَالَةِ الْكَثِيرَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الاِسْتِحْسَانِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ، حَيْثُ قَالُوا بِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ الْمُقَيَّدَةِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرْ نَوْعَ السِّلْعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا. كَأَنْ يَقُول الْمُوَكُّل لِلْوَكِيل: اشْتَرِ لِي ثَوْبًا - وَلَمْ يَذْكُرْ نَوْعَهُ - فِإِنَّهُ يَصِحُّ، لأَِنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي شِرَاءِ ثَوْبٍ، فَلَمْ يَشْتَرِطْ ذِكْرَ نَوْعِهِ كَالْقِرَاضِ.
وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ عِنْدَ الَحَنَفِيَّةِ مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَ دِينَارًا إِلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ أُضْحِيَّةً (1) . وَلَوْ كَانَتِ الْجَهَالَةُ الْقَلِيلَةُ مَانِعَةً مِنْ صِحَّةِ الْتَوْكِيل بِالشِّرَاءِ لَمَا فَعَلَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَِنَّ جَهَالَةَ الصِّفَةِ لاَ تَرْتَفِعُ بِذِكْرِ الأُْضْحِيَّةِ وَبِقَدْرِ الثَّمَنِ، وَلأََّنَ الْجَهَالَةَ الْقَلِيلَةَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ لاَ تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، لأَِنَّ مَبْنَى التَّوْكِيل عَلَى الْفُسْحَةِ وَالْمُسَامَحَةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ الْمُنَازَعَةُ فِيهِ عِنْدَ قِلَّةِ الْجَهَالَةِ، بِخِلاَفِ الْبَيْعِ لأَِنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُضَايِقَةِ وَالْمُمَاكَسَةِ لِكَوْنِهِ مُعَاوَضَةَ الْمَال بِالْمَالِ، فَالْجَهَالَةُ فِيهِ وَإِنْ قَلَّتْ
__________
(1) حديث: دفع ديناراً إلى حكيم ". . . سبق تخريجه ف 6.
الصفحة 53