كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 45)

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالإِْجْمَاعِ وَالْمَعْقُول.
أَمَّا الْقُرْآنُ: فَمِنْهُ قَوْل اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (1) } .، وَذَاكَ كَانَ تَوْكِيلاً، وَقَدْ قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ بِلاَ نَكِيرٍ. (2)
وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (3) } . . فَهَذِهِ الآْيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُل عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الرَّأْيِ الْقَائِل بِأَنَّ الْحَكَمَ وَكِيلٌ عَنِ الزَّوْجَيْنِ. (4)
أَمَّا السُّنَّةُ: فَمِنْهَا مَا وَرَدَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْبَارِقِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، فَجَاءَ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ (5) .
__________
(1) سورة الكهف / 19
(2) المغني 5 / 87 وتكملة فتح القدير 8 / 3 ـ 4.
(3) سورة النساء / 35
(4) تفسير ابن كثير 1 / 493، ومغني المحتاج 2 / 217و3 / 261.
(5) حديث عروة بن أبي الجعد " أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً. . " أخرجه البخاري (فتح الباري 6 / 632 ـ ط السلفية) .
فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُل عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. (1)
وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى أُضْحِيَّةً فَأُرْبِحَ فِيهَا دِينَارًا فَاشْتَرَى أُخْرَى مَكَانَهَا، فَجَاءَ بِالأُْضْحِيَّةِ وَالدِّينَارِ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: ضَحِّ بِالشَّاةِ وَتَصَدَّقْ بِالدِّينَارِ (2) .، فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُل عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيل فِي شِرَاءِ الأُْضْحِيَّةِ وَتَقْسِيمِهَا وَالتَّصَدُّقِ بِالْمَال. (3)
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: " أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَتَيْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَقَال: إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَإِنِ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً فَضَعْ يَدَكَ عَلَى تَرْقُوَتِهِ (4) .
فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُل عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ،
__________
(1) تكملة فتح القدير 8 / 4 ونيل الأوطار للشوكاني 6 / 5، ومغني المحتاج 2 / 217 والمغني 5 / 87.
(2) حديث حكيم بن حزام " أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه. . . " أخرجه الترمذي (3 / 549) وأعله بالانقطاع بين حكيم بن حزام والراوي عنه.
(3) تكملة فتح القدير 8 / 4، ونيل الأوطار للشوكاني 6 / 5 ـ 6.
(4) حديث جابر بن عبد الله: " أردت الخروج إلى خيبر. . " أخرجه أبو داود (4 / 47 ـ 48) ، وحسن إسناده ابن حجر في التلخيص (3 / 51) .

الصفحة 7