إذا علم ذلك فإن من أهم المهمات في حق المعلم في كل مكان وزمان أن يسير على نهج المعلم الأول محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن يجتهد في معرفة ذلك حتى يطبقه في نفسه، وفي طلابه حسب الإمكان، وما أشد حاجة الأمة في هذا العصر الذي كثر فيه دعاة الهدم وقل فيه دعاة البناء والإصلاح إلى المعلم الصالح الذي يتلقى علومه، وما يربي به طلابه من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وينشر بينهم أخلاق السلف الصالح من الصدق والأمانة والإخلاص في العمل وتعظيم الأوامر والنواهي والمسابقة إلى كل فضيلة والحذر من كل رذيلة.
وبما تقدم يعلم أن مهمة المعلم مع كونها من أصعب المهام فهي مع ذلك من أشرف الوظائف، وأعظمها نفعا وأجلها قدرا إذا وفق صاحبها للإخلاص وحسنت نيته، وبذل جهده، كما أن له من الأجر مثل من انتفع بعلمه.
وفي الحديث الشريف يقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه (¬1) » ويقول - عليه الصلاة والسلام -: «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (¬2) » ويقول أيضا - صلى الله عليه وسلم -: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (¬3) » ولا ريب أن المعلم هو المربي الروحي للطالب، فينبغي أن يكون ذا أخلاق فاضلة، وسمت حسن حتى يتأسى به تلامذته، كما ينبغي أن يكون محافظا على المأمورات الشرعية، بعيدا عن المنهيات، حافظا لوقته، قليل المزاح، واسع البال، طلق الوجه، حسن البشر، رحب الصدر، جميل المظهر، ذا كفاية ومقدرة وسعة اطلاع، كثير العلم بالأساليب العربية ليتمكن من تأدية واجبه على أكمل وجه.
ولا شك أن من يعنى بدراسة النفس البشرية من كافة النواحي ويبحث عن الأسباب الموصلة إلى معرفة
¬__________
(¬1) صحيح البخاري فضائل القرآن (5027) ، سنن الترمذي فضائل القرآن (2907) ، سنن أبو داود الصلاة (1452) ، سنن ابن ماجه المقدمة (211) ، مسند أحمد بن حنبل (1/69) ، سنن الدارمي فضائل القرآن (3338) .
(¬2) صحيح البخاري الجهاد والسير (2942) ، صحيح مسلم فضائل الصحابة (2406) ، سنن أبو داود العلم (3661) ، مسند أحمد بن حنبل (5/333) .
(¬3) صحيح مسلم الإمارة (1893) ، سنن الترمذي العلم (2671) ، سنن أبو داود الأدب (5129) ، مسند أحمد بن حنبل (4/120) .