كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 2)

وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أخذ الجزية من مجوس هجر، فهؤلاء الأصناف الثلاثة من الكفار وهم اليهود والنصارى والمجوس ثبت بالنص أخذ الجزية منهم فالواجب أن يجاهدوا ويقاتلوا مع القدرة حتى يدخلوا في الإسلام أو يؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون، أما غيرهم فالواجب قتالهم حتى يسلموا في أصح قولي العلماء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاتل العرب حتى دخلوا في دين الله أفواجا، ولم يطلب منهم الجزية، ولو كان أخذها منهم جائزا تحقن به دماؤهم وأموالهم لبينه لهم، ولو وقع ذلك لنقل. وذهب بعض أهل العلم إلى جواز أخذها من جميع الكفار لحديث بريدة المشهور في ذلك المخرج في صحيح مسلم، والكلام في هذه المسألة وتحرير الخلاف فيها وبيان الأدلة مبسوط في كتب أهل العلم من أراده وجده، ويستثنى من الكفار في القتال النساء والصبيان والشيخ الهرم ونحوهم ممن ليس من أهل القتال ما لم يشاركوا فيه، فإن شاركوا فيه وساعدوا عليه بالرأي والمكيدة قوتلوا كما هو معلوم من الأدلة الشرعية.
وقد كان الجهاد في الإسلام على أطوار ثلاثة:
الطور الأول: الإذن للمسلمين في ذلك من غير إلزام لهم، كما في قوله سبحانه: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (¬1)
الطور الثاني: الأمر بقتال من قاتل المسلمين والكف عمن كف عنهم، وفي هذا النوع نزل قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (¬2) الآية
¬__________
(¬1) سورة الحج الآية 39
(¬2) سورة البقرة الآية 256

الصفحة 438