كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 2)

فهذا مطابق لقوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (¬1)
وقد أجاب قوم هود نبيهم عليه الصلاة والسلام بقولهم: {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} (¬2) فقد علموا المعنى وعرفوه، وهو أن دعوة هود عليه الصلاة والسلام تقتضي إخلاص العبادة لله وحده وخلع الأوثان المعبودة من دونه، ولهذا قالوا: {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (¬3) فاستمروا على العناد والتكذيب، حتى نزل بهم العذاب نسأل الله العافية.
والله سبحانه أنزل الكتب وأرسل الرسل ليعبد وحده لا شريك له، وليبين حقه لعباده، ويذكر للعباد ما هو موصوف به سبحانه من أسمائه الحسنى وصفاته العلى، ليعرفوه جل وعلا بأسمائه وصفاته وعظيم إحسانه، وكمال قدرته، وإحاطة علمه جل وعلا، وما ذاك إلا لأن توحيد الربوبية هو الأساس والأصل لتوحيد الإلهية والعبادة، فلهذا بعثت الرسل عليهم الصلاة والسلام وأنزلت الكتب السماوية من الله عز وجل لبيان صفاته وأسمائه وعظيم إحسانه، وبيان استحقاقه أن يعظم ويدعى ويسأل جل وعلا، حتى تخضع الأمم لعبادته وطاعته، وحتى تنيب إليه، وحتى تعبده
¬__________
(¬1) سورة النحل الآية 36
(¬2) سورة الأعراف الآية 70
(¬3) سورة الأعراف الآية 70

الصفحة 46