كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 2)

وما لديهم من ضرورات، فكيف تدعى من دون الله، فلهذا قال: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ} (¬1) {أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} (¬2) ماذا أجابوا؟ حاروا وحادوا عن الجواب، لأنهم يعلمون أن هذه الآلهة ليس عندها نفع ولا ضر، وليست تسمع دعاء الداعين ولا تجيبه.
فلهذا قالوا: {بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (¬3) ولم يقولوا إنهم يسمعون أو ينفعون أو يضرون. بل حادوا عن الجواب وأتوا بجواب يدل على الحيرة والشك، بل والاعتراف بأن هذه الآلهة لا تصلح للعبادة، فقالوا: {بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (¬4) يعني سرنا على طريقتهم وسبيلهم من غير نظر فيما قلت لنا.
وهذا معنى قوله في الآية الأخرى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (¬5) هذه طريقتهم الملعونة الخبيثة التي سلكوها واحتجوا بها، وساروا عليها، نسأل الله السلامة، ثم قال لهم الخليل عليه السلام: {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ} (¬6) {أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ} (¬7) {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} (¬8) مراده بذلك معبوداتهم من الأصنام.
ولهذا قال: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} (¬9) فقوله: إلا رب العالمين، يدلنا على أنه كان عليه الصلاة والسلام، يعلم أنهم يعبدون الله ويعبدون معه غيره، ولهذا استثنى ربه، فقال: إلا رب العالمين، كما
¬__________
(¬1) سورة الشعراء الآية 72
(¬2) سورة الشعراء الآية 73
(¬3) سورة الشعراء الآية 74
(¬4) سورة الشعراء الآية 74
(¬5) سورة الزخرف الآية 23
(¬6) سورة الشعراء الآية 75
(¬7) سورة الشعراء الآية 76
(¬8) سورة الشعراء الآية 77
(¬9) سورة الشعراء الآية 77

الصفحة 50