كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 2)

في الآية الأخرى: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} (¬1) فعلم بذلك أن المشركين يعبدون الله، ويعبدون معه سواه، ولكن النزاع بينهم وبين الرسل في تخصيص الله بالعبادة، وإفراده بها دون كل ما سواه جل وعلا.
ثم قال بعد ذلك في بيان صفات الرب: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} (¬2) {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} (¬3) {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} (¬4) {وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} (¬5)
هذه أفعال الرب جل وعلا: يشفي المرضى ويميت ويحيي، ويطعم ويسقي، ويهدي من يشاء، وهو الخلاق القادر على مغفرة الذنوب وستر العيوب فلهذا استحق العبادة على عباده جل وعلا، وبطلت عبادة كل ما سواه، لأنهم لا يخلقون ولا يرزقون ولا ينفعون ولا يضرون ولا يعلمون المغيبات ولا يستطيعون لداعيهم أن يقدموا شيئا نفعا أو ضرا، كما قال سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬6) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬7) فبين عجزهم، وبين أن دعوتهم من دون الله شرك بالله عز وجل، ولهذا قال: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬8) فبين سبحانه عجز هذه الآلهة جميعها، وبين أنهم بهذا الدعاء قد أشركوا بالله عز وجل.
وهنا قال: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} (¬9) يعني أطمع أنه سبحانه يغفر لي خطيئتي يوم
¬__________
(¬1) سورة الزخرف الآية 27
(¬2) سورة الشعراء الآية 78
(¬3) سورة الشعراء الآية 79
(¬4) سورة الشعراء الآية 80
(¬5) سورة الشعراء الآية 81
(¬6) سورة فاطر الآية 13
(¬7) سورة فاطر الآية 14
(¬8) سورة فاطر الآية 14
(¬9) سورة الشعراء الآية 82

الصفحة 51