كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 2)

الدين، فهو جل وعلا ينفع في الدنيا، وينجي في الآخرة، أما هذه الأصنام فلا تنفع لا في الدنيا ولا في الآخرة. بل تضر ولهذا قال عن خليله إبراهيم: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} (¬1) {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} (¬2) {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} (¬3) {وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} (¬4) هذا كله يدل على الإيمان بالآخرة والدعوة إلى ذلك، وتنبيه العباد على أن هناك آخرة لا بد من المصير إليها، وهناك جزاء وحسابا، ولهذا قال بعده: {وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} (¬5) {وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ} (¬6) دعا له بالمغفرة قبل أن يعلم حاله، فلما علم حاله تبرأ منه، كما قال في سورة العنكبوت: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (¬7) {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (¬8) فبين عليه الصلاة والسلام أن العبادة حق الله، وأنه يجب أن يتقى ويعبد سبحانه وتعالى، وأن الذي فعلوه إفك لا أساس له، وأن معبوداتهم لا تملك لهم رزقا أبدا، كما أنها لا تنفعهم ولا تضرهم فهي أيضا لا تملك لهم رزقا، بل الله جل وعلا هو الرزاق، ولهذا قال: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ} (¬9) فهو سبحانه الذي يعبد ويطلب الرزق منه جل وعلا، دون كل ما سواه سبحانه وتعالى، {وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (¬10) فالمرجع إليه وهو
¬__________
(¬1) سورة الشعراء الآية 82
(¬2) سورة الشعراء الآية 83
(¬3) سورة الشعراء الآية 84
(¬4) سورة الشعراء الآية 85
(¬5) سورة الشعراء الآية 85
(¬6) سورة الشعراء الآية 86
(¬7) سورة العنكبوت الآية 16
(¬8) سورة العنكبوت الآية 17
(¬9) سورة العنكبوت الآية 17
(¬10) سورة العنكبوت الآية 17

الصفحة 52