كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 2)

العالمين، ومع هذا أقدما على دعوته وبيان حق الله عليه، وأنه الواجب عليه أن ينيب إلى الله، ولكنه أبى واستكبر، ثم دعا إلى ما دعا إليه من جمع السحرة والسحر إلى غير ذلك، حتى أبطل الله كيده وأظهر عجزه ونصر موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام عليه وعلى سحرته، ثم صارت العاقبة لما استمر في الطغيان أن أغرقه الله وجميع جنده في البحر، وخلص موسى وهارون ومن معهما من بني إسرائيل.
هذه من آيات الله البالغة، في انتقام الله من أعدائه ونصره لأوليائه:
رجلان ليس معهما إلا جماعة مستعبدون لفرعون يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم ويسومهم سوء العذاب، يقدمان على دعوة ملك جبار، وبيان الحق له، وإنكار ما هو عليه من الباطل، فيحميهما الله من ظلمه وبطشه، بل ويثبتهما ويؤيدهما جل وعلا، وينطقه بما يقيم الحجة عليه، ولهذا قال في الآية الأخرى: {فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى} (¬1) {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} (¬2) {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} (¬3) {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} (¬4) {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} (¬5) {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى} (¬6) {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} (¬7)
والمقصود أن الرسل عليهم الصلاة والسلام بينوا الحق وأوضحوه وبينوا أسماء الرب وصفاته الدالة على قدرته العظيمة واستحقاقه العبادة وأنه الخالق المالك الرازق المحيي المميت المدبر لكل شيء
¬__________
(¬1) سورة طه الآية 49
(¬2) سورة طه الآية 50
(¬3) سورة طه الآية 51
(¬4) سورة طه الآية 52
(¬5) سورة طه الآية 53
(¬6) سورة طه الآية 54
(¬7) سورة طه الآية 55

الصفحة 55