كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 2)

أعلى، وأنه في العلو سبحانه وتعالى فوق السماوات وفوق جميع الخلائق وفوق العرش، قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا.
وقد دل على هذا المعنى آيات كثيرات مصرحة بعلو الله سبحانه وتعالى على خلقه، ومن ذلك آيات الاستواء السبع المعروفة التي فيها قوله سبحانه في سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (¬1)
وفي هذه الآية يبين علوه، وأنه الخلاق الرزاق، وأنه صاحب الخلق والأمر سبحانه وتعالى، وأنه الذي يغشي الليل النهار، وأنه خالق الشمس والقمر، وخالق النجوم، ليعلم العباد عظيم شأنه، وكمال قدرته وكمال علمه سبحانه، وأنه العالي فوق جميع خلقه، المستحق لأن يعبد سبحانه وتعالى.
ومن هذا الباب قول الله عز وجل: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} (¬2) {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (¬3) {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (¬4)
فانظر كيف بين هذه
¬__________
(¬1) سورة الأعراف الآية 54
(¬2) سورة المائدة الآية 116
(¬3) سورة المائدة الآية 117
(¬4) سورة المائدة الآية 118

الصفحة 57