كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 2)

الصفات العظيمة لله عز وجل الداعية إلى عبادته وحده، دون كل ما سواه، وأنه علام الغيوب وأنه العزيز الحكيم، وأنه الرقيب على عباده، والشهيد عليهم، وأنه يعلم ما في نفس نبيه عيسى، وعيسى لا يعلم ما في نفسه سبحانه وتعالى.
وفي هذا أيضا دلالة على إثبات الصفات، وأن الأنبياء جاءوا بإثبات أسماء الله وصفاته على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى، وأنه جل وعلا يوصف بأن له نفسا تليق به عز وجل لا تشابه نفوس المخلوقين، كما أنه سبحانه له وجه وله يد وله قدم وله أصابع لا تشابه صفات المخلوقين، جاء بعض هذا في الكتاب العزيز، وجاء في السنة المطهرة ذكر الوجه واليد والقدم والأصابع كل ذلك دليل على أنه سبحانه موصوف بصفات الكمال، وأنه لا يلزم من ذلك مشابهته للخلق، ولهذا قال عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬1) سبحانه وتعالى.
فنفى عن نفسه المماثلة ثم أثبت لنفسه السمع والبصر، فدل ذلك على أن صفاته وأسماءه لا شبيه له فيها، ولا مثيل له فيها. بل هو جل وعلا الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو المستحق لأن يعبد ويعظم جل وعلا.
أما المخلوقون فصفاتهم ضعيفة وناقصة، أما هو جل وعلا فهو الكامل في كل شيء، فعلمه كامل وصفاته كاملة كلها ولا شك أن صفات المخلوقين لا تماثل صفاته أبدا بوجه من الوجوه ولهذا قال سبحانه: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (¬2) وقال عز
¬__________
(¬1) سورة الشورى الآية 11
(¬2) سورة النحل الآية 74

الصفحة 58