كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 2)

فعلوه، فقال جل وعلا: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ} (¬1)
فبين لنا أن الإله المستحق للعبادة يجب أن يكون متكلما، وأن يكون سميعا بصيرا، وأن يكون يهدي السبيل، وأن يكون بين القدرة على كل شيء، والعلم لكل شيء، أما عجل جماد يعبد من دون الله، فهذا من فساد العقول: عجل لا يجيب الداعي، ولا يبين كلاما، ولا يرد جوابا ولا ينفع ولا يضر، فكيف يعبد من دون الله.
وفي الآية الأخيرة يقول جل وعلا: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} (¬2) أي أنه لا يرجع لهم قولا، ومعنى يرجع يرد فإن رجعك الله: ردك الله، يعني أن هذا العجل لا يرد قولا لمن كلمه وخاطبه، ولا يملك ضرا ولا نفعا، فكيف تصرف له العبادة لو كانت العقول سليمة، وهذا المعنى في كتاب الله كثير جدا، يبين الله سبحانه وتعالى لعباده أنه المستحق للعبادة لكماله وقدرته العظيمة، وأنه المالك لكل شيء والقادر على كل شيء، الذي يسمع دعاء الداعين، ويقدر على قضاء حاجتهم ويجيب مضطرهم، ويملك الضر والنفع، ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، سبحانه وتعالى.
وقد بعث الله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وهو سيد الخلق، وأفضلهم وإمام المرسلين، بعثه بما بعث به المرسلين الأولين، من توحيد الله
¬__________
(¬1) سورة الأعراف الآية 148
(¬2) سورة طه الآية 89

الصفحة 60