كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 2)

هناك، ويقال إنه قيل له: إيت جدة، تجد فيها، أصناما معدة، فخذها ولا تهب، وادع العرب إلى عبادتها تجب.
فاستخرجها ونشرها بين العرب فعبدوها وهي: ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، التي كانت معبودة في قوم نوح. فاشتهرت بين العرب، وعبدت من دون الله، بسبب عمرو بن لحي المذكور، ثم أوجدوا أصناما وأوثانا أخرى في سائر القبائل يعبدونها مع الله، يسألونها قضاء الحوائج، ويجعلونها آلهة مع الله، ويتقربون إليها بأنواع القربات كالذبح والنذر والدعوات والتمسح وغير ذلك.
ومن ذلك العزى لأهل مكة، ومناة لأهل المدينة ومن حولهم، واللات لأهل الطائف ومن حولهم، إلى غير ذلك من الأوثان والأصنام الكثيرة في العرب، فلما دعاهم هذا النبي الكريم رسولنا عليه الصلاة والسلام إلى توحيد الله وترك آلهتهم، أنكروا عليه ذلك وقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (¬1) وقال جل وعلا عنهم في سورة الصافات: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (¬2) {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} (¬3) فانظر يا أخي كيف غلب عليهم الجهل حتى جعلوا الدعوة إلى توحيد الله أمرا عجابا، واستكبروا عنه واستغربوه وعادوا من دعاهم إليه حتى قاتلوه، وانتهى الأمر أن جمع رأيهم على قتله، فأنجاه الله
¬__________
(¬1) سورة ص الآية 5
(¬2) سورة الصافات الآية 35
(¬3) سورة الصافات الآية 36

الصفحة 63