كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 4)

بعقابه (¬1) » ، ويقول عليه الصلاة والسلام: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (¬2) » .
وهذا عام لجميع المنكرات سواء كانت في الطريق، أو في البيت أو في المسجد أو في الطائرة أو في القطار أو في السيارة أو في أي مكان، وهو يعم الرجال والنساء جميعا، المرأة تتكلم والرجل يتكلم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن في هذا صلاح الجميع ونجاة الجميع.
ولا يجوز السكوت عن ذلك من أجل خاطر الزوج أو خاطر الأخ أو خاطر فلان وفلان، لكن يكون بالأسلوب الحسن والكلمات الطيبة، لا بالعنف والشدة، ومع ملاحظة الأوقات المناسبة، فقد يكون بعض الناس في وقت لا يقبل التوجيه ولكنه في وقت آخر يكون متهيئا للقبول، فالمؤمن والمؤمنة يلاحظان للإنكار والأمر بالمعروف الأوقات المناسبة ولا ييأس إذا لم يقبل منه اليوم أن يقبل منه غدا، فالمؤمن لا ييأس، والمؤمنة لا تيأس، بل يستمران في إنكار المنكر، وفي الأمر بالمعروف وفي النصيحة لله ولعباده مع حسن الظن بالله والرغبة فيما عند الله عز وجل.
ثم قال الله سبحانه: {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} (¬3) هكذا المؤمنون والمؤمنات يقيمون الصلاة ويحافظون عليها في أوقاتها، ويقيمها الرجال في المساجد، ويحافظون عليها مع إخوانهم في الجماعة، ويسارعون إليها إذا سمعوا المنادي يقول: (حي على الصلاة، حي على الفلاح) ويبادرون إليها في جميع الأوقات. والواجب على كل مؤمن أن يراقب الله في ذلك ويحذر مما ابتلي به كثير من الناس - والعياذ بالله - من أدائها في البيت، والتخلف عن صلاة الجماعة حتى شابهوا أهل النفاق في ذلك، فيصلي في البيت وقد عافاه الله وربما أخر الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس إلى أن يقوم للعمل، فيصلي وربما تركها بالكلية، وهذا هو البلاء العظيم والمنكر الخطير، فالصلاة عمود الإسلام، من حفظها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، من تركها كفر لقول
¬__________
(¬1) سنن الترمذي الفتن (2168) ، سنن ابن ماجه الفتن (4005) .
(¬2) صحيح مسلم الإيمان (49) ، سنن الترمذي الفتن (2172) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5008) ، سنن أبو داود الصلاة (1140) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1275) ، مسند أحمد بن حنبل (3/10) .
(¬3) سورة التوبة الآية 71

الصفحة 51