كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 5)

الظالم - ولتأطرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم (¬1) » أخرجه أبو داود فنسأل الله السلامة والعافية من كل شر وفتنة. ولا شك أن الأمر عظيم وجدير بالعناية من المسلمين؛ لأن التناصح بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الواجبات العظيمة ومن أسباب صلاح العامة والخاصة.
وقد قال الله سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (¬2) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬3) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬4) فبين سبحانه أن هذه الصفات الأربع هي أخلاق الرابحين وهي صفات المؤمنين الناجين من عذاب الله في الدنيا والآخرة. وقد حكم ربنا سبحانه أن غيرهم في خسران وأقسم على هذا بقوله {وَالْعَصْرِ} (¬5) وهو الصادق سبحانه وإن لم يقسم جل وعلا، ولكنه سبحانه أقسم بالعصر لتأكيد المقام والتحذير من أسباب الخسران، والعصر هو الزمان؛ الليل والنهار، ويقال لهما: العصران، ويقال لآخر النهار: العصر،. والمراد هذا الليل والنهار لأنهما محل أعمال العباد، وهو سبحانه يقسم بما شاء من خلقه كما أقسم بالسماء والطارق وبالسماء ذات البروج وبالشمس وضحاها وبالضحى وبالتين إلى غير ذلك، فهو يقسم سبحانه بما شاء من مخلوقاته الدالة على عظمته وكبريائه واستحقاقه للعبادة سبحانه وتعالى، أما العباد فليس لهم أن يحلفوا إلا بالله وحده سبحانه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (¬6) » وقال عليه الصلاة والسلام: «من حلف بغير الله فقد أشرك (¬7) » فليس لأحد أن يحلف إلا بالله وحده سبحانه وتعالى.
ولا يجوز الحلف بغير الله لا بالأنبياء ولا بالصالحين ولا بالملائكة ولا بالأمانة ولا بغير ذلك بل يجب أن يكون القسم بالله سبحانه وتعالى، أما هو سبحانه فله أن يقسم بما شاء لكونه الحكم العدل المالك لكل
¬__________
(¬1) سنن أبو داود الملاحم (4336) .
(¬2) سورة العصر الآية 1
(¬3) سورة العصر الآية 2
(¬4) سورة العصر الآية 3
(¬5) سورة العصر الآية 1
(¬6) صحيح البخاري الشهادات (2679) ، صحيح مسلم الأيمان (1646) ، سنن الترمذي النذور والأيمان (1534) ، سنن أبو داود الأيمان والنذور (3249) ، موطأ مالك النذور والأيمان (1037) ، سنن الدارمي النذور والأيمان (2341) .
(¬7) صحيح البخاري الأدب (6108) ، صحيح مسلم الأيمان (1646) ، سنن الترمذي النذور والأيمان (1535) ، سنن النسائي الأيمان والنذور (3766) ، سنن أبو داود الأيمان والنذور (3251) ، سنن ابن ماجه الكفارات (2094) ، مسند أحمد بن حنبل (2/69) ، موطأ مالك النذور والأيمان (1037) ، سنن الدارمي النذور والأيمان (2341) .

الصفحة 34