كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 5)

شيء المتصرف في خلقه كيف يشاء ولا أحد يحجر عليه في ملكه، ولأن في إقسامه بما أقسم به من مخلوقاته دلائل على عظمته واستحقاق للعبادة دون كل ما سواه.
وقد أقسم سبحانه بالعصر أن الإنسان لفي خسر، فجميع الناس في خسارة ونقص وعواقب وخيمة {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬1) فهؤلاء هم الرابحون والسعداء. فجدير بنا أيها الإخوة أن نتخلق بهذه الأخلاق الإيمانية الصادقة وأن نتواصى بها ونصبر عليها حتى يستقر حبها والإيمان بها في القلوب.
ومعلوم أن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. ولأهل السنة عبارة أخرى في هذا الباب وهي أن الإيمان قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، وكلتا العبارتين صحيحة، فهو قول وعمل، يعني قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح وهو قول وعمل واعتقاد؛ قول باللسان وعمل بالجوارح واعتقاد بالقلب، فالجهاد في سبيل الله والصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر الأعمال المشروعة كلها أعمال خيرية، وهي من شعب الإيمان التي يزيد بها الإيمان وينقص بنقصها عند أهل السنة والجماعة؛ وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإلاحسان.
فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد في سبيل الله وسائر الأعمال المشروعة كلها من شعب الإيمان التي يزيد بها الإيمان وينقص بنقصها. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان (¬2) » متفق على صحته.
فلا يربح الناس ولا يسعدون ولا تحصل لهم النجاة في الدنيا والآخرة
¬__________
(¬1) سورة العصر الآية 3
(¬2) صحيح مسلم الإيمان (35) ، سنن الترمذي الإيمان (2614) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5005) ، سنن أبو داود السنة (4676) ، سنن ابن ماجه المقدمة (57) ، مسند أحمد بن حنبل (2/414) .

الصفحة 35