كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 5)

عليه الصلاة والسلام، وهكذا قوله سبحانه للنبي صلى الله عليه وسلم: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} (¬1) أي إنك تحت كلاءتنا وعنايتنا وحفظنا، وليس هذا كله من التأويل بل ذلك من التفسير المعروف في لغة العرب وأساليبها ... ومن ذلك الحديث القدسي وهو قول الله سبحانه: «من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة (¬2) » يمر كما جاء عن الله سبحانه وتعالى من غير تكييف ولا تحريف ولا تمثيل بل على الوجه الذي أراده الله سبحانه وتعالى، وهكذا نزوله سبحانه في آخر الليل، وهكذا السمع والبصر والغضب والرضا والضحك والفرح وغير ذلك من الصفات الثابتة كلها تمر كما جاءت على الوجه الذي يليق بالله من غير تكييف ولا تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل عملا بقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬3) وما جاء في معناها من الآيات.
أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة ومن سار في ركابهم، وهو مذهب باطل أنكره أهل السنة وتبرءوا منه وحذروا من أهله. والله ولي التوفيق.
¬__________
(¬1) سورة الطور الآية 48
(¬2) صحيح البخاري التوحيد (7405) ، صحيح مسلم التوبة (2675) ، سنن الترمذي الدعوات (3603) ، سنن ابن ماجه الأدب (3822) ، مسند أحمد بن حنبل (2/535) .
(¬3) سورة الشورى الآية 11
س18: عن قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (¬1) ، فما هو معنى الآية؟ وما هو المراد بالشرك في الآية الكريمة؟
جـ18: قد أوضح العلماء معناها كابن عباس وغيره، وإن معناها أن المشركين
¬__________
(¬1) سورة يوسف الآية 106

الصفحة 374