كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 6)

أكمل قيام عليه الصلاة والسلام، ودعا إلى الله، وأرشد إلى دينه جل وعلا، الذي رضيه للناس، وعلم الناس توحيد الله.
مكث صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو فيها إلى توحيد الله والإخلاص لله، وترك عبادة ما سواه جل وعلا. وبعد مضي عشر سنين فرض الله عليه الصلوات الخمس قبل أن يهاجر، أسري به إلى بيت المقدس، ثم عرج به إلى السماء، وتجاوز السماوات السبع جميعا، ورفع إلى مستوى فوق ذلك، عليه الصلاة والسلام، وكلمه الله جل وعلا، وأوحى إليه الصلوات الخمس، فنزل بها عليه الصلاة والسلام، وعلمها الناس، وقام بها المسلمون في مكة، ثم هاجر عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، وفرض الله عليه بقية أمور الدين من زكاة وصيام وحج وغير ذلك.
فالواجب على جميع المكلفين من الجن والإنس، والعرب والعجم، والذكور والإناث، والحكام والمحكومين، والأغنياء والفقراء، الواجب عليهم جميعا في وقته صلى الله عليه وسلم وبعد وقته وفي وقتنا هذا إلى يوم القيامة الواجب على الجميع أن يعبدوا الله وحده وأن ينقادوا لشرعه وأن يتبعوا ما جاء به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قولا وعملا وعقيدة.
هذا واجب الجميع نحو دينهم، يجب عليهم أن يعبدوا الله ويطيعوا أوامره ويتركوا نواهيه، فالعبادة هي: طاعة الأوامر إخلاصا لله ومحبة له وتعظيما له، من صلاة وزكاة وحج وبر بالوالدين وصلة للرحم، وجهاد في سبيل الله بالنفس والمال، وصدق في الحديث، وغير هذا، مع ترك كل ما حرم الله من الشرك بالله؛ وهو أعظم الذنوب، فالشرك الذي هو: صرف العبادة أو بعضها لغير الله أعظم الذنوب، وهو الشرك الأكبر: كدعاء الملائكة أو الأنبياء أو الجن أو أصحاب القبور فيستغيث بهم أو ينذر لهم أو يذبح لهم، وهذا ينافي قول لا إله إلا الله، فإن قول لا إله إلا الله معناها لا معبود حق إلا الله، وهي كلمة التوحيد، وهي أصل الدين وأساس الملة، فدعاء الأموات والأصنام وغيرهم، والاستغاثة بهم، والنذر لهم ينقض هذه الكلمة وينافيها، وهو الشرك الأكبر، والذي يأتي الأموات، ويدعوهم، ويستغيث بهم، وينذر لهم

الصفحة 30