كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 6)

ويسألهم النصر على الأعداء أو شفاء المرضى أو يدعو الملائكة أو الرسل أو يدعو الجن ويستغيث بهم أو ينذر لهم ويذبح لهم، كل هذا من الشرك بالله، وكل هذا يناقض قول: لا إله إلا الله، ويخالف قوله سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬1) ويناقض قوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬2) وبهذا يعلم كل مسلم أن ما يفعله بعض الجهال عند بعض القبور فيأتي إلى القبر ويقول: يا سيدي فلان اشف مريضي أو انصرني على عدوي. أو أنت تعلم ما نحن فيه انصرنا أو ما أشبه ذلك. هذا من الشرك الأكبر وهذا هو دين الجاهلية، نسأل الله السلامة والعافية.
ولا بد أيضا مع توحيد الله والإخلاص له، والحذر من الكفر به، لا بد من الشهادة بأن محمدا رسول الله. هاتان الشهادتان هما أصل الدين وأساس الملة، فعلى كل مكلف أن يؤمن بأن محمدا رسول الله هو عبده ورسوله إلى الثقلين الإنس والجن، وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي العربي المكي ثم المدني، أرسله الله حقا إلى جميع الثقلين. يجب الإيمان به بالقلب واللسان والعمل، فيؤمن المكلف بأن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي هو رسول الله حقا إلى جميع الناس، وهو خاتم الأنبياء إيمانا صادقا لا نفاق فيه. ويحققه بالعمل بطاعة الأوامر وترك النواهي، بطاعة أوامر الله: من صلاة، وزكاة، وصوم، وحج، وغير ذلك. وترك محارم الله: من الشرك بالله، والزنا، والسرقة، وشرب المسكرات، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، إلى غير ذلك مما حرم الله.
تحقق هاتين الشهادتين يا عبد الله: بطاعة الأوامر وترك النواهي، هذا حق الله عليك أيها العبد، وحق الرسول عليك.
فعليك أن تعبد الله وحده بطاعة الأوامر وترك النواهي، والإيمان بأنه ربك وإلهك الحق، وأنه إله الجميع، وأنه سبحانه خالق الكون، ومصرف أحوال الجميع، وأنه ذو الأسماء الحسنى، والصفات العلا، كل هذا داخل في الإيمان بالله وحده فهو
¬__________
(¬1) سورة الفاتحة الآية 5
(¬2) سورة البينة الآية 5

الصفحة 31