كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 6)

سبحانه رب الجميع وخالقهم ومصرف أحوال العباد، فهو سبحانه الخلاق الرزاق، مدبر الأمور، مصرف الأشياء، ليس للعباد خالق سواه، ولا مدبر سواه، فهو النافع الضار، المانع المعطي، الخالق لكل شيء، القادر على كل شيء، الرزاق للعباد، بيده تصريف الأمور كلها، سبحانه وتعالى.
وهذا ما يسمى توحيد الربوبية، وهو وحده لا يدخل في الإسلام بل لا بد مع ذلك من الإيمان بأنه هو المستحق للعبادة، فلا يستحقها سواه، وهذا معنى لا إله إلا الله. أي لا معبود حق إلا الله، وهذا هو توحيد العبادة، وهو تخصيصه سبحانه بالعبادة وإفراده بها: من دعاء وخوف ورجاء وتوكل وصلاة وصوم وغير ذلك، مع الإيمان بتوحيد الأسماء والصفات، وهو الإيمان بأنه سبحانه هو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، له الكمال المطلق في ذاته وأسمائه وصفاته لا شريك له ولا شبيه له ولا كفو له سبحانه وتعالى. وهذا هو توحيد الأسماء والصفات كما تقدم. قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (¬2) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (¬3) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬4) وقال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬5)
فعلى جميع المكلفين من الثقلين الإيمان بأسماء الله وصفاته الواردة في القرآن الكريم: كالعزيز، والحكيم، والسميع، والبصير، والخلاق، والرزاق، والرحمن الرحيم، إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته سبحانه وتعالى، وعلى الجميع أيضا الإيمان بما ثبت في السنة سنة النبي صلى الله عليه وسلم من أسماء الله وصفاته ثم إمرارها، كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تأويل ولا زيادة ولا نقصان، بل نؤمن بها، ونقرها، ونمرها كما جاءت لا نحرف ولا نغير، ولا نزيد ولا ننقص، ولا نؤول شيئا من صفات الله بل هي حق كلها يجب إثباتها لله على الوجه اللائق بالله مع الإيمان القطعي بأنه سبحانه لا يشبه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا.
كما أنه لا يشبههم في ذاته، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان وهو الذي
¬__________
(¬1) سورة الإخلاص الآية 1
(¬2) سورة الإخلاص الآية 2
(¬3) سورة الإخلاص الآية 3
(¬4) سورة الإخلاص الآية 4
(¬5) سورة الشورى الآية 11

الصفحة 32