كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 9)

وقد أجمع العلماء على أن هذه الآية نزلت في التائبين، ويزاد على الشروط الثلاثة المذكورة في صحة التوبة شرط رابع فيما إذا كانت الحقوق لآدميين، وهو أن يؤدي إليهم حقوقهم من مال أو غيره أو يستحلهم منها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان عنده لأخيه مظلمة من عرض أو شيء فليتحلله اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ من حسناته بقدر مظلمته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه (¬1) » أخرجه البخاري في صحيحه. والواجب على المسلم أن يحذر الشرك ووسائله وجميع المعاصي لأنه قد يبتلى بشيء من ذلك، ثم لا يوفق للتوبة، فتعين عليه أن يحذر كل ما حرم الله عليه وأن يسأل ربه العافية من ذلك، وألا يتساهل مع الشيطان فيقدم على المعاصي بنية التوبة منها، ولا شك أن ذلك خداع من الشيطان وتزيين منه للوقوع في المعاصي بدعوى أنه سيتوب منها، وقد يعاقب العبد فيحال بينه وبين ذلك، فيندم غاية الندامة، وتعظم حسرته حين لا ينفعه الندم.
وقد قال الله سبحانه: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (¬2) وقال سبحانه: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} (¬3) وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} (¬4) {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (¬5) والآيات في هذا المعنى كثيرة.
¬__________
(¬1) رواه البخاري في المظالم والغصب برقم 2269، وأحمد في باقي مسند المكثرين برقم 10169.
(¬2) سورة البقرة الآية 40
(¬3) سورة آل عمران الآية 28
(¬4) سورة فاطر الآية 5
(¬5) سورة فاطر الآية 6
الحفظ والتفقه في الدين لتعليم أهل القرية
والصلاة بهم عمل صالح تشكر وتؤجر عليه (¬1) .
¬__________
(¬1) من برنامج نور على الدرب، شريط رقم 12.

الصفحة 365