كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 12)

الدين، وتأسيس توحيد الله في مكة وتوجيه المسلمين إلى ما يجب عليهم كما تقدم، فلا يلزم من ذلك أن يكون عزم على هذه الإقامة؛ بل يحتمل أنه أقامها إقامة لم يعزم عليها، وإنما مضت به الأيام في النظر في شئون المسلمين وإصلاح ما يحتاج إلى إصلاح وإقامة شعائر الدين في مكة المكرمة. وليس هناك ما يدل على أنه عزم عليها حتى يحتج بذلك على أن مدة الإقامة المجيزة للقصر تحد بتسعة عشر يوما كما جاء ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وهكذا إقامته صلى الله عليه وسلم في تبوك عشرين يوما ليس هناك ما يدل على أنه عازم عليها عليه الصلاة والسلام. بل الظاهر أنه أقام يتحرى ما يتعلق بحرب، وينظر في الأمر وليس عنده إقامة جازمة في ذلك؛ لأن الأصل عدم الجزم بالإقامة إلا بدليل، وهو مسافر للجهاد والحرب مع الروم وتريث في تبوك هذه المدة للنظر في أمر الجهاد، وهل يستمر في السفر ويتقدم إلى جهة الروم أو يرجع؟ ثم اختار الله له سبحانه أن يرجع إلى المدينة فرجع.
والمقصود أنه ليس هناك ما يدل على أنه نوى الإقامة تسعة عشر يوما في مكة، ولا أنه نوى الإقامة جازمة في تبوك عشرين يوما حتى يقال: إن هذه أقل مدة للقصر، أو أن هذه أقصى مدة للإقامة بل ذلك محتمل كما قاله الجمهور، وتحديد

الصفحة 277