كتاب مجموع فتاوى ابن باز (اسم الجزء: 12)

ومما تقدم يتضح لكم أن الواجب هو اجتماع أهل المدينة أو القرية على جمعة واحدة كما يجتمعون على صلاة عيد واحدة حيث أمكن ذلك من دون مشقة للأدلة المتقدمة والأسباب السالفة والمصلحة الكبرى في الاجتماع.
أما إن دعت الحاجة الشديدة إلى إقامة جمعتين أو أكثر في البلد أو الحارة الكبيرة فلا بأس بذلك في أصح قولي العلماء، وذلك مثل: أن تكون البلد متباعدة الأطراف ويشق على أهلها أن يجتمعوا في مسجد واحد فلا بأس أن يقيموا الجمعة في مسجدين أو أكثر على حسب الحاجة، وهكذا لو كانت الحارة واسعة لا يمكن اجتماع أهلها في مسجد واحد فلا بأس أن يقام فيها جمعتان كالقرية، ولهذا لما بنيت بغداد وكانت واسعة الأرجاء أقيم فيها جمعتان إحداهما في الجانب الشرقي والثانية في الجانب الغربي وذلك في وسط القرن الثاني بحضرة العلماء المشهورين ولم ينكروا ذلك لدعاء الحاجة إليه، ولما قيل لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- حين خلافته: إن في الكوفة ضعفة يشق عليهم الخروج إلى الصحراء لحضور صلاة العيد أمر من يقيم لهم صلاة العيد بالبلد وصلى- رضي الله عنه- بجمهور الناس في الصحراء.
فإذا جاز ذلك في العيد للحاجة فالجمعة مثله بجامع المشقة والحاجة والرفق بالمسلمين، وقد نص الكثير من

الصفحة 353