كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 1)
من أبطل الباطل أن يجعل ظاهر كلام الله تعالى وكلام رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفرا وتشبيها، وهم قد جعلوه مستلزما، أو موهما لذلك جل ربي، وكلامه عن هذا اللازم، والإيهام.
ب - أن الله تعالى لم يبين الحق الذي يجب على العباد اعتقاده في باب أسماء الله تعالى وصفاته وإنما جعل ذلك موكولا إلى عقولهم يثبتون ما شاءوا، وينكرون ما شاءوا ويئولون النصوص المثبتة لما أنكروه، وهذا من أبطل الباطل، فكيف يدع الله تعالى بيان هذا الباب الذي هو من أوجب الواجبات ويكل أمره إلى عقول متناقضة يمنع بعضها ما يوجبه الآخر، أو يجوزه على الله عز وجل.
ج - أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخلفاءه الراشدين، وسلف الأمة وأئمتها كانوا قاصرين أو مقصرين في معرفة ما يجب لله تعالى من الصفات وما يمتنع عليه إذ لم يرد عنهم حرف واحد في التأويل الذي سلكه أولئك المئولون، وحينئذ إما أن يكون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخلفاؤه الراشدون، وسلف الأمة، وأئمتها جاهلين بذلك قاصرين عن معرفته، وإما أن يكونوا عالمين به، لكن كتموه وقصروا في بيانه للناس، وكلا الأمرين باطل.
فإذا تبين ذلك علم أن الخلاف بين السلف والخلف في صفات الله تعالى ليس خلافا بين الأفضل والفاضل، ولكنه خلاف بين الواجب والمحرم والحق والباطل، وأن طريق الخلف في ذلك محرم باطل.
واعلم يا فضيلة الشيخ أن القول إذا كان باطلا محرما فلا يلزم أن يكون قائله آثما إذا كان لم يقصر في طلب الحق واتباعه، ولكن اجتهد فأخطأ، ولكن عدم إثمه عند الله تعالى لا يلزمنا أن نصوب قوله، أو
الصفحة 234
352