كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 1)
{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} . فإذا كان العلم من لوازم المعية صح أن نفسرها به وبغيره من اللوازم التي لا تنافي ما ثبت لله تعالى من صفات الكمال ولا يعد ذلك خروجا بالكلام عن ظاهره.
على أن من المحققين من علماء أهل السنة من فسر المعية بظاهرها على الحقيقة اللائقة بالله تعالى وقال: لا يمتنع أن يكون الله تعالى معنا حقيقية وهو على عرشه حقيقة كما جمع الله تعالى بينهما في آية سورة الحديد. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية ص 142 من المجلد الثالث من مجموع الفتاوى لابن قاسم: "وكل هذا الكلام الذي ذكره الله سبحانه من أنه فوق العرش وأنه معنا، حق على حقيقته، لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة" وقال قبيل ذلك: "وليس معنى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} أنه مختلط بالخلق فإن هذا لا توجبه اللغة، وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة وخلاف ما فطر الله عليه الخلق، بل القمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته هو موضوع في السماء وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان، وهو سبحانه فوق العرش رقيب على خلقه مهيمن عليهم مطلع إليهم إلى غير ذلك من معاني ربوبيته. وقال في الفصل الذي يليه ص 143: "وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته، لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته، فإنه سبحانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته، وهو علي في دنوه قريب في علوه". اهـ.
وقال في الفتوى الحموية ص 102 من المجلد الخامس من مجموع الفتاوى لابن القاسم: "ولا يحسب الحاسب أن شيئا من ذلك (يعني مما جاء في الكتاب والسنة) يناقض بعضه بعضا البتة، مثل أن يقول القائل:
الصفحة 248
352