كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 1)

على أن المراد قربه بعلمه وإحاطته.
2 - أن العلم من لوازم القرب إذا كان القريب كامل الصفات ولازم اللفظ من معناه - كما سبق في كلامنا على المعية - وتفسير اللفظ بلازم معناه لا سيما مع وجود قرائن لفظية في السياق لا يخرج الكلام عن ظاهره، ولا يعد تأويلا.
القول الثاني: أن المراد بقربه تعالى قرب ملائكته وسندوا تفسيرهم بأمرين أيضا:
أحدهما: أن الله تعالى ذكر القرب مقيدا فقيده في سورة ق بقوله: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} . فإن قوله: {إِذْ يَتَلَقَّى} متعلق بقوله: {أَقْرَبُ} فيكون هذا تفسيرا لمعنى القرب وقيده في سورة الواقعة بحال الاحتضار فقال: {وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ} . ثم إن في قوله: {وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ} . دليلا على أن هذا الأقرب في نفس المكان ولكن لا نبصره وهذا لا يكون إلا للملائكة لأن الله تعالى لا يمكن أن يحل في مكان المحتضر.
والشيء إذا أضافه الله تعالى إلى نفسه بلفظ الجمع لم يمتنع أن يراد ملائكته كما في قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} . والذي يقرأه على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو جبريل، وإذا كان في الكلام ما يدل على المراد من سياق الكلام، أو قرائن الأحوال لم يكن تفسيره بمقتضى ذلك صرفا للكلام عن ظاهره، ولا يعد تأويلا.

الصفحة 251