كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 1)
أعظم، ووصولهم إلى الإنسان أخفى.
فإن قلت: كيف يصلون إلى صدور الناس فيوسوسون فيها؟
فاستمع الجواب من محمد رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حين قال لرجلين من الأنصار: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرًا، أو قال: شيئًا» . وفي رواية: «يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم» .
ومن عدوان الجن على الإنس أنهم يخيفونهم، ويلقون في قلوبهم الرعب، ولا سيما حين يلتجئ الإنس إليهم، ويستجيرون بهم، قال الله - تعالى -: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} أي خوفًا وإرهابًا وذعرًا.
ومن عدوان الجن على الإنس أن الجني يصرع الإنسي فيطرحه، ويدعه يضطرب حتى يغمى عليه، وربما قاده إلى ما فيه هلاكه من إلقائه في حفرة أو ماء يغرقه، أو نار تحرقه وقد شبه الله - تعالى - آكلي الربا عند قيامهم من قبورهم بالمصروع الذي يتخبطه الشيطان، قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} . قال ابن جرير: " وهو الذي يتخبطه فيصرعه". وقال ابن كثير: " إلا كما يقوم المصروع حال صرعه، وتخبط الشيطان له". وقال البغوي: " يتخبطه الشيطان أي يصرعه، ومعناه أن آكل الربا يبعث يوم القيامة كمثل المصروع". وروى الإمام أحمد في مسنده 4\171 - 172 عن يعلى بن مرة - رضي الله عنه - «أن امرأة أتت النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،»
الصفحة 297
352