كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 1)

وراء الوساوس والأوهام يؤدي إلى أن تتعاظم هذه الأوهام والوساوس حتى تكون حقيقة.
وأما العلاج أعني علاج صرع الأرواح، فقد اعترف كبار الأطباء أن الأدوية الطبيعية لا تؤثر فيه. وعلاجه بالدعاء، والقراءة، والموعظة، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يعالج بقراءة آية الكرسي، والمعوذتين، وكثيرًا ما يقرأ في أذن المصروع: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} . قال تلميذه ابن القيم: " حدثني أنه قرأ مرة هذه الآية في أذن المصروع فقالت الروح: نعم ومد بها صوته! قال: فأخذت له عصًا وضربته بها في عروق عنقه حتى كلت يدي من الضرب. وفي أثناء ذلك قالت: أنا أحبه، فقلت لها: هو لا يحبك. قالت: أنا أريد أن أحج به. فقلت لها: هو لا يريد أن يحج معك. قالت: أنا أدعه كرامة لك. قلت: لا ولكن طاعة لله ورسوله. قالت: فأنا أخرج. فقعد المصروع يلتفت يمينًا وشمالا وقال: ما جاء بي إلى حضرة الشيخ". هذا كلام ابن القيم - رحمه الله - عن شيخه، وقال ابن مفلح في كتاب: (الفروع) ، وهو من تلاميذ شيخ الإسلام أيضًا: " كان شيخنا إذا أتي بالمصروع وعظ من صرعه، وأمره ونهاه، فإن انتهى وفارق المصروع أخذ عليه العهد أن لا يعود، وإن لم يأتمر ولم ينته ولم يفارق ضربه حتى يفارقه"، والضرب في الظاهر على المصروع، وإنما يقع في الحقيقة على من صرعه. وأرسل الإمام أحمد إلى مصروع ففارقه الصارع، فلما مات أحمد عاد إليه.
وبهذا تبين أن صرع الجن للإنس ثابت بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، والواقع، وأنكر ذلك المعتزلة. ولولا ما أثير حول هذه المسألة من

الصفحة 299