كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 2)

ليس سببًا لجلب النفع أو دفع الضرر بالآيات الكثيرة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه, ولكن قد يحصل الشيء عند هذا الدعاء فتنة وامتحانًا، والله تعالى قد يبتلي الإنسان بأسباب المعصية؛ ليعلم سبحانه وتعالى من كان عبدًا لله ومن كان عبدًا لهواه، ألا ترى إلى أصحاب السبت من اليهود حيث حرم الله عليهم أن يصطادوا الحيتان في يوم السبت فابتلاهم الله عز وجل فكانت الحيتان تأتي يوم السبت بكثرة عظيمة وفي غير يوم السبت تختفي فطال عليهم الأمد، وقالوا: كيف نحرم أنفسنا هذه الحيتان ثم فكروا وقدروا ونظروا فقالوا: نجعل شبكة ونضعها يوم الجمعة ونأخذ الحيتان منها يوم الأحد، فأقدموا على هذا الفعل الذي هو حيلة على محارم الله فقلبهم الله قردة خاسئين قال الله تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} وقال عز وجل: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} فانظر كيف يسر الله لهم هذه الحيتان في اليوم الذي منعوا من صيدها فيه ولكنهم -والعياذ بالله- لم يصبروا فقاموا بهذه الحيلة على محارم الله.
ثم انظر إلى ما حصل لأصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حيث ابتلاهم الله تعالى وهم محرمون بالصُّيود المحرمة على المحرم فكانت في متناول أيديهم ولكنهم رضي الله عنهم لم يجرءوا على شيء منها

الصفحة 230