كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 4)

فهذه الأدلة الخمسة كلها تطابقت على إثبات علو الله بذاته فوق خلقه.
فأما قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} وقوله: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} فليس معناهما أن الله في الأرض كما أنه في السماء، ومن توهم هذا، أو نقله عن أحد من السلف فهو مخطئ في وهمه وكاذب في نقله.
وإنما معنى الآية الأولى: أن الله مألوه في السموات وفي الأرض، كل من فيهما فإنه يتأله إليه ويعبده وقيل: معناها أن الله في السموات ثم ابتدأ فقال: {وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} أي: إن الله يعلم سركم وجهركم في الأرض، فليس علوه فوق السموات بمانع من علمه سركم وجهركم في الأرض.
وأما الآية الثانية فمعناها: أن الله إله في السماء، وإله في الأرض، فألوهيته ثابتة فيهما، وإن كان هو في السماء، ونظير ذلك قول القائل: فلان أمير في مكة، وأمير في المدينة. أي: أن إمارته ثابتة في البلدين، وإن كان هو في أحدهما وهذا تعبير صحيح لغة وعرفا والله أعلم.

الصفحة 37