كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 5)

لم ترد، أما أن تسبح آناء الليل وأطراف النهار تسبيحا غير مقيد بزمن، ولا عدد، ولا هيئة فلا ننكر عليك.
وكذلك ما يحدث في ليلة الثاني عشر من ربيع الأول من اجتماع الناس وإتيانهم بصيغ من الصلاة والسلام على رسول الله لم ترد عن الرسول ولا أصحابه، بل هي محشوة من الغلو في رسول الله الذي حذر أمته منه، ويأخذون في ترانيم على صفات معينة، فكل هذا بدع مردودة.
وإذا قالوا: نحن نصلي على رسول الله لننال ثواب الصلاة عليه. فنقول لهم: تحديدها بزمان، وعدد معين، وصيغة معينة قد تكون غير واردة أو منهيا عنها، كل هذا جعلها بدعة مردودة.
واعلم أنك لن تحدث بدعة في دين الله إلا انتزع الله من قلبك من السنة ما يقابل هذه البدعة؛ لأن القلب وعاء إن ملأته بالخير لم يبق فيه مكان للشر، وإن ملأته بالشر لم يبق فيه مكان للخير، وإذا ملأته بالسنة لم يبق فيه مكان للبدعة، وإذا ملأته بالبدعة لم يبق فيه مكان للسنة.
وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: تجد هؤلاء الحريصين على البدع عندهم قصور وفتور في اتباع السنن، ولا يكادون يأتون بها على الوجه المطلوب.
ولذلك فإذا تعبد إنسان في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب بعبادات من أذكار وصلوات على رسول الله وغير ذلك، فهذه بدعة، ونجيب على من يفعل ذلك من وجهين:
الأول: أنه لم يثبت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عرج به في هذه الليلة، وهذا يبطل كل ما ينبني على هذا.
الوجه الثاني: لو سلمنا بذلك فهذا لا يقتضي أن نثبت لها شيئا من العبادات؛ لأن الصحابة لم يجعلوا فيها شيئا من هذه العبادات، والواجب على المؤمن أن يتبع ما جاء به الشرع، ولو اتبعنا ما كان عليه سلفنا الصالح

الصفحة 261