كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 5)

فعلا وتركا صرنا أسعد مما نحن عليه اليوم.
وهذا الحديث كذلك ميزان للأعمال الظاهرة، كما أن حديث عمر في النية ميزان للأعمال الباطنة، فحديث عائشة عن المتابعة، وحديث عمر عن النية، والعبادة لا تقبل إلا بالإخلاص والمتابعة.
وهنا نذكر مثلا ما يفعله الناس من التسابق على الجليد، فهذا لا ينكر عليه؛ لأن هذا من العادات لا من العبادات، وكذلك المصارعة فيما لا ضرر فيه، فإن اشتمل على ضرر كان حراما، ليس لأنه بدعة، بل لما فيه من الضرر.
فالبدعة تكون في الأمور التعبدية، أما أمور العادات فإن كان فيها ضرر منعت وإلا فالأصل فيها الحل.
وكذلك من لبس لباسا غير معهود ولم ينه الشرع عنه فلا ننكر عليه.
ولو أن رجلا داوم على حلق رأسه كلما نبت شعره حلقه، فهذا من الأمور العادية، ولهذا «لما رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غلاما قد حلق بعض رأسه، قال: "احلقه كله أو اتركه كله» . وهذا دليل على أنه ليس من باب العبادة وإلا لأرشد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى إبقاء الشعر، ولهذا فالراجح من أقوال أهل العلم أن إطلاق الشعر من الأمور العادية إن اعتادها الناس فعلت وإلا فلا.
ولو لبس الإنسان لباسا يخالف العادة ولكنه غير محرم شرعا فلا ينبغي لئلا يكون لباس شهرة، ولباس الشهرة هو الذي يشتهر به الإنسان حتى يقال: هذا الثوب مثل ثوب فلان، وقد يكون بالدون وقد يكون بالأعلى، حتى قال بعض العلماء: لو أن رجلا فقيرا لبس ثياب الأغنياء صار في حقه ثوب شهرة، ولو أن رجلا غنيا لبس ثياب الفقراء صار في حقه ثوب شهرة، وإنما يلبس كل إنسان ما يناسب حاله. واليوم والحمد لله لم يعد هناك فرق كبير بين ثوب الغني والفقير.

الصفحة 262