كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 5)

ثالثا: ويعلم ما في الأرحام: أولا: قوله تعالى: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} ما اسم موصول يفيد العموم، وتعلق العلم بهذا العام هو تعلق عام أيضا، فعلم ما في الأرحام لا يقتصر على علم كونه ذكرا أو أنثى، واحدا أم متعددا، بل علم ما في الأرحام أشمل من ذلك، فهو يشمل كونه ذكرا أو أنثى، يشمل كونه واحدا أو متعددا، يشمل يخرج حيًّا أو يخرج ميتا، يشمل أن هذا الجنين سيبقى مدة طويلة في الدنيا أو مدة قصيرة، يشمل أن هذا الجنين سيكون ذا مال كثير أو فقر مدقع، يشمل أن هذا الجنين سيكون عالما أو جاهلا، فكل ما يتعلق بهذا الجنين يدخل في قوله: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} فهو شامل عام خاص بالله تعالى.
ولكن يشكل على هذا أنه في عصرنا الحاضر توصل الطب إلى أن يعلم أن ما في بطن هذه الأنثى ذكر أو أنثى، فهل يبقى معارضة في الآية؟ فالجواب: أنه ليس هناك معارضة للآية؛ لأنهم لا يعلمون أنه ذكر أو أنثى إلا بعد أن يكون ذكرا أو أنثى، أما قبل ذلك فلا يستطيعون العلم بأنه ذكر أو أنثى، وإذا كان ذكرا أو أنثى وخُلق ذكرا أو خلق أنثى فإنه يكون من عالم الغيب عند أكثر الناس، ويكون من عالم الشهادة عند من يحصل له العلم بذلك، فالملك مثلا يرسله الله تعالى إلى الرحم، ويعلمه الله عز وجل أنه ذكر أو أنثى، يقول: يا رب ذكر أو أنثى؟ فيأمره الله - تعالى- بما أراد، فصار هذا علم شهادة بالنسبة للملك، وقبل أن يكون

الصفحة 273