كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 5)

النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن ذلك لا ينفعك أنت، فجاه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومنزلته عند الله ينتفع بها الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفسه، أما أنت فليس لك فيها منفعة وكذلك ذاته من باب أولى.
ويدل على أن التوسل بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآن ليس بصحيح «أن الصحابة قحطوا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فخرج يستسقي بهم فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا -والصحابة يتوسلون بنبيهم بدعائه- وإنا نستشفع إليك بعم نبينا فاسقنا. فيقوم العباس بن عبد المطلب ويدعو الله تعالى بالسقيا فيسقون» . وهذا دليل على معنى التوسل بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوارد عن الصحابة أن معناه أنهم يتوسلون بدعائه لا بذاته.
أما توسل المشركين بأصنامهم وأوثانهم وتوسل الجاهلين بأوليائهم فهو توسل شركي، لا نقول: توسل بدعي بل هو توسل شركي، ولا يصح أن نسميه توسلا بل هو شرك محض.
لأن هؤلاء المتوسلين يدعون من يزعمون أنهم وسيلة، يأتي الرجل إلى من يزعمه وليا ويقول: يا ولي الله أنقذني -بهذا اللفظ- يا آل البيت أنقذوني، يا نبي الله أنقذني، فهذا لا يصح أن نسميه وسيلة ولكن نسميه شركا؛ لأن دعاء غير الله شرك في الدين وسفه في العقل، شرك في الدين لأنهم اتخذوا شريكا مع الله، وسفه في العقل لأن الله يقول: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ}
ويوم القيامة لا ينفعونهم {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} فوصف الله هذه المدعوات بأنها عاجزة لا يستجيبون

الصفحة 288