كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 8)

وطلبت الطريق الموصل إليه، وقمت بطاعته على الوجه الأكمل، وإذا عظمته خفت منه، كلما هممت بمعصية، استشعرت عظمة الخالق عز وجل، فنفرت، {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} [يوسف: 24] ، فهذه من نعمة الله عليك، إذا هممت بمعصية، وجدت الله أمامك، فهبت وخفت وتباعدت عن المعصية، لأنك تعبد الله رغبة ورهبة.
فما معنى العبادة؟
العبادة: تطلق على أمرين، على الفعل والمفعول.
تطل على الفعل الذي هو التعبد، فيقال: عبد الرجل ربه عبادة وتعبدًا وإطلاقها على التعبد من باب إطلاق اسم المصدر، ونعرفها باعتبار إطلاقها على الفعل بأنها: " التذلل لله عز وجل حبًّا وتعظيمًا، بفعل أوامره واجتناب نواهيه ". وكل من ذل لله عز بالله , {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} [المنافقون: 8] .
وتطلق على المفعول، أي: المتعبد به وهي بهذا المعنى تعرف بما عرفها به شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال رحمه الله: " العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ". (¬1)
هذا الشيء الذي تعبدنا الله به يجب توحيد الله به، لا يصرف لغيره، كالصلاة والصيام والزكاة والحج والدعاء والنذر والخشية والتوكل. . إلى غير ذلك من العبادات.
فإن قلت: ما هو الدليل على أن الله منفرد بالألوهية؟
¬__________
(¬1) "رسالة العبودية" مجموع الفتاوى 10/149

الصفحة 18