كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 9-10)

عن ابن مسعود رضي الله عنه؛ قال: « (جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد! إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والثرى على إصبع،»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله (حبر) . الحبر هو العالم الكثير العلم، والحبر يشابه البحر في اشتقاق الحروف، ولهذا كان العالم أحيانا يسمى بالحبر وأحيانا بالبحر.
قوله: (إنا نجد) أي: في التوراة.
قوله: (فضحك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . ولولا ما بعدها لاحتملت أن تكون إنكارا؛ لأن من حدثك بحديث لا تطمئن إليه ضحكت منه، لكنه قال: «تصديقا لقول الحبر» ؛ فكانت إقرارا لا غير، ويدل لذلك قوله: ثم قرأ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} الآية؛ فهذا يدل على أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقره واستشهد لقوله بآية من كتاب الله، فضحكه واستشهاده تقرير لقول الحبر، وسبب الضحك هو سروره، حيث جاء في القرآن ما يصدق ما وجده هذا الحبر في كتبه؛ لأنه لا شك أنه إذا جاء ما يصدق القرآن؛ فإن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سوف يسر به، وإن كان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم علم اليقين أن القرآن من عند الله، لكن تضافر البينات مما يقوي الشيء، أرأيت أسامة بن زيد وأبوه زيد بن حارثة؟ هل كان عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شك في أن أسامة ابن لزيد؟ .
الجواب: ليس عنده شك في ذلك، ولما مر بهما مجزز المدلجي - وهو من أهل القيافة - وقد تغطيا بقطيفة لم يبد منهما إلا أقدامهما، فنظر إلى أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فسر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرورا

الصفحة 1112