كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 9-10)

ففي ذلك اليوم لا ملك لأحد، قال تعالى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر:16] ، وكل الناس الملوك منهم والمملوكون على حد سواء يحشرون حفاة عراة غرلا، وبهذا يظهر ملكوت الله - عز وجل - في ذلك اليوم ظهورا بينا؛ لأنه سبحانه ينادي: لمن الملك اليوم، فلا يجيبه أحد، فيجيب نفسه: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} .
وقوله: الملك. أي: ذو السلطان، وليس مجرد المتصرف، بل هو المتصرف فيما يملك على وجه السلطة والعلو، وأما (المالك) فدون ذلك، ولهذا يمتدح نفسه تعالى بأنه الملك، وقوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] فيها قراءتان: (ملك، ومالك) ؛ ليتبين بذلك أنه ملك مالك.
فملك الله تعالى متضمن لكمال السلطان والتدبير والملك، بخلاف غيره، فإن من ملوك الدنيا من يكون ملكا لا يملك التصرف، ومنهم المالك وليس بملك.
وقوله: «حتى بدت نواجذه» . أي: ظهرت، ونواجذ: جمع ناجذ، وهو أقصى الأضراس.
وهذا الضحك من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقرير لقول الحبر، ولهذا قال ابن مسعود: «تصديقا لقول الحبر» ولو كان منكرا ما ضحك الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا استشهد بالآية، ولقال له: كذبت كما كذب الذين ادعوا أن الذي يزني لا يرجم، ولكنه ضحك تصديقا لقول الحبر سرورا بأن ما ذكره موافق لما جاء به القرآن الذي أوحي إلى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قوله: ثم قرأ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ} الآية. هذا معنى الآية التي لا تحتمل غيره، وأن السماوات مطويات كطي السجل للكتب

الصفحة 1114