كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 9-10)

صرف كلامه عن حقيقته التي أراده الله بها.
ومن فوائد الحديث:
إثبات الأصابع لله - عز وجل - لإقراره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا الحبر على ما قال.
والإصبع إصبع حقيقي يليق بالله - عز وجل -؛ كاليد، وليس المراد بقوله: (على إصبع) سهولة التصرف في السماوات والأرض، كما يقوله أهل التحريف، بل هذا خطأ مخالف لظاهر اللفظ والتقسيم، ولأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أثبت ذلك بإقراره؛ ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « (إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن) » .
وقوله: (بين أصبعين) لا يلزم من البينية المماسة، ألا ترى قوله تعالى: {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [البقرة:164] ، والسحاب لا يمس الأرض ولا السماء وهو بينهما، ونقول: عنيزة بين الزلفي والرس، ولا يلزم أن تكون متصلة بهما، وتقول: شعبان بين ذي القعدة وجمادى، ولا يلزم أن يكون مواليا له؛ فتبين أن البينية لا تستلزم الاتصال في الزمن أو المكان، وكما ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله - سبحانه وتعالى - يكون قبل وجه المصلي ولا يلزم من المقابلة أن يكون بينه وبين الجدار أو السترة التي يصلي عليها، فهو قبل وجهه وإن كان على عرشه، ومثال ذلك: الشمس حين تكون في الأفق عند الشروق أو الغروب؛ فإن من الممكن أن تكون قبل وجهك وهي في العلو.
فتبين بهذا أن هؤلاء المحرفين على ضلال، وأن من قال: إن طريقتهم أعلم وأحكم؛ فقد ضل.

الصفحة 1116