كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 13)
الصلاة والسلام أم القرآن من النهي، مع أن الصلاة صلاة الفجر وهي صلاة جهرية، فدل هذا على وجوب قراءة الفاتحة على المأموم حتى في الصلاة الجهرية، وفي هذه الحال يقرأ، ولو كان إمامه يقرأ فيكون هذا مخصصاً لعموم قوله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) .
وأما قول السائل: هل يجوز ترك قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة؟
فجوابه: أن صلاة الجنازة صلاة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، فتدخل في عموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" (¬1) ، فإذا صلى أحد على الجنازة ولم يقرأ بفاتحة الكتاب فإن الصلاة لا تصح، ولا تبرأ بها الذمة، ولا تقوم بما يجب قيامه جهة أخينا الميت من حق، وقد ثبت في صحيح البخاري أن ابن عباس – رضي الله عنهما – قرأ سورة الفاتحة في صلاة الجنازة وقال: "لتعلموا أنها سنة أو ليعلموا أنها سنة" (¬2) ، ومراده بالسنة هنا الطريقة، وليست السنة الاصطلاحية عند الفقهاء، وهي التي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها؛ لأن السنة في عرف المتقدمين تطلق على طريقة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سواء كانت واجبة أم مستحبة، كما في حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – أنه قال (أي أنس) : "من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعاً" (¬3) والمراد بالسنة هنا السنة الواجبة.
...
¬__________
(¬1) متفق عليه وتقدم تخريجه في ص73.
(¬2) رواه البخاري في الجنائز باب 65: قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة (1335) .
(¬3) رواه البخاري في النكاح باب 102 – إذا تزوج الثيب على البكر (5214) ورواه مسلم في الرضاع باب قدر ما تستحقه البكر.. ح44 و45 (1461) .
الصفحة 133
454