مناقض لأوله وحكم – رحمه الله – بأنه منقلب على الراوي وأن الصواب: "وليضع ركبتيه قبل يديه" لأجل أن يوافق آخر الحديث أوله، لأن كلام الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يتناقض، ومن المعلوم أن الإنسان منهي عن التشبه بالحيوان ولاسيما في أجل العبادات البدنية وهي الصلاة، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "لا يبسط أحدكم ذراعية انبساط الكلب" (¬1) .
ولم يرد فيما أعلم في النصوص تشبيه الإنسان بالحيوان إلا على سبيل الذم، كما قال الله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ* وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (¬2) . وقال سبحانه وتعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (¬3) . وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الذي يتكلم والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفاراً (¬4) . وقال في الذي يعود في هبته: "كالكلب يقيء، ثم يعود في قيئه" (¬5) .
¬__________
(¬1) متفق عليه من حديث أنس بن مالك وفي قوله: "اعتدلوا في السجود"، رواه البخاري في الأذان باب 141- لا يفترش ذراعيه في السجود (822) ، ومسلم في الصلاة، باب 45- الاعتدال في السجود 1/355 ح233 (493) .
(¬2) سورة الأعراف، الآيتان: 175، 176.
(¬3) سورة الجمعة، الآية: 5.
(¬4) رواه أحمد بلفظ: "من تكلم والإمام يخطب فهو كمثل الحمار" 3/475.
(¬5) متفق عليه وتقدم ص171.