كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 15)

هل أنت أحرص من الصحابة على معرفة صفات الله؟

الجواب: لا. هل الصحابة لما حدثهم الرسول بهذا الحديث أو أقر اليهودي عليه هل قالوا كم أصابع الرحمن؟ أبداً.

ولهذا أنا أحذر طلبة العلم من التنطع فيما يتعلق بأمور الغيب, أمور الشهادة لا بأس أن للإنسان يبحث, أما أمور الغيب فليأخذ بظاهر ما ورد, وليدع ما سوى ذلك؛ لأنه إذا أخذ بالتنطع في أمور الغيب سواء فيما يتعلق بصفات الله, أو بصفات, الملائكة, أو بأحوال اليوم الآخر إذا أخذ بالتنطع فيها فإنه ربما يهلك فيقع في الشك, أو في الردة والعياذ بالله.

إذن علينا في مثل هذه الأمور أن نترك التنطع وأن نأخذ بظواهر الأدلة. كان الإمام مالك – رحمه الله – عند أصحابه في المسجد فقال رجل: يا أبا عبد الله) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه:5) كيف استوى؟ فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرحضاء (العرق) من شدة وقع هذا السؤال في قلبه, ثم رفع رأسه وقال له: ((الاستواء غير مجهول, والكيف غير معقول, والإيمان به واجب, والسؤال عنه بدعة)) . ثم قال: ((وما أراك إلا مبتدعاً)) . ثم أمر به فأخرج.

أنكر مالك سؤال الرجل عن الكيفية. وقول مالك: ((ما أراك إلا مبتدعاً)) يحتمل معنيين:

أحدهما: أن السؤال ديدن أهل البدع فهم الذين يسألون

الصفحة 52