لك (1) .
وقوله: "حتى أتى بطن محسر فحرك قليلاً"، يعني حرك ناقته عليه الصلاة والسلام حين بلغ بطن مُحَسِّر (2) . ومحسر واد عظيم يفصل بين مزدلفة ومنى، وبهذا نعرف أن ما بين المشاعر أودية.
فبين المشعر الحرام والمشعر الحلال واد هو وادي عرنة.
وبين المشعرين الحرامين منى ومزدلفة واد هو وادي محسر.
واختلف العلماء- رحمهم الله- في سبب الإسراع، فقال بعضهم: أسرع لأن بطن الوادي يكون لينا يحتاج لأن يحرك الإنسان بعيره لأن مشي البعير على الأرض الصلبة أسرع من مشيه على الأرض الرخوة، فحرك من أجل أن يتساوى سيرها في الأرض الصلبة، وسيرها في الأرض الرخوة. وعلى هذا، فالملاحظ هنا هو مصلحة السير فقط.
وقيل: أسرع لأن الله أهلك فيه أصحاب الفيل، فينبغي أن يسرع، لأن المشروع للإنسان إذا مر بأراضي العذاب أن يسرع كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - (حين مر بديار ثمود في غزوة تبوك زجر الناقة عليه الصلاة والسلام وقنع رأسه وأسرع) (3) . وبعض الناس اليوم يتخذ
__________
(1) أخرجه البخاري في الشروط/باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة (2718) ، ومسلم في المساقاة/باب بيع البعير واستثناء ركوبه (1222) .
(2) مُحَسِّر: بالضم ثم بالفتح وكسر السين المشددة وراء، هو اسم الفاعل. من الحسر، وهو
بين منى ومزدلفة وليس من منى، ولا المزدلفة، بل هو واد برأسه. معجم البلدان (5/74) .
(3) أخرجه البخاري في المغازي/باب نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجر (4419) ، ومسلم في الزهد والرقائق/باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين (2980) عن ابن عمر رضي الله عنهما.