كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 25)

الإلهية المنزلة من عند الله تعالى فما أعظم العاقد وما أكبر هذه الصفقة! وما أجل المعقود معه في نيته وإخلاصه! وما أجل العوض!
وما أثمن الثمن عند باذله؛ لأنه النفس والمال.
أما النية التي قصد بها هذا العقد فهي موجودة في قوله تعالى: (يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ) (1) . ليست حركتهم حركة تمني وإدعاء، ولكنها حركة فعل وإقدام (يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ) (2) والمقاتلة لا بد
أن تكون مسبوقة بإعداد قوة يعتد بها الإنسان حتى يقاتل بها عدوه، أما أن ينزل إلى الميدان بدون عدة فإنه بلا شك حري بأن يخذل ويهزم، لكن هؤلاء المؤمنين لديهم من العدة ما استطاعوا أن ينزلوا به الميدان فيقاتلون في سبيل الله ولهذا قال تعالى: (يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) (3) .
فبدأ بكونهم يَقْتُلُون قبل أن يكونوا يُقْتَلُون، وهذا يدل على أن قتالهم قتال هجوم لا مدافعة، وهكذا يجب علينا- نحن المسلمين- أن نقاتل أعداءنا أعداء الله- عز وجل- قتال هجوم لا قتال دفاع؟
لأن الله يقول: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) وقال
__________
(1) سورة التوبة، الآية: 111.
(2) سورة التوبة، الآية: 111.
(3) سورة التوبة، الآية: 111.

الصفحة 503