كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 25)

ولكن هناك فرق بين طاعة أمر الرسول وأمر أولي الأمر، فطاعة الرسول كرر فيها فعل الأمر (أَطِيعُوا الرَّسُولَ) إذن فطاعة الله مستقلة، وطاعة الرسول مستقلة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يأمر بما يخالف أمر الله.
أما طاعة أولي الأمر فإن الله تعالى جعلها تبعًا فقال (وَأُولِي الْأَمْرِ) ولم يقل: وأطيعوا أولي الأمر، فمن ثم كانت طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله ورسوله، لأنهم ربما يأمرون بما يخالف أمر الله ورسوله،
فإن أمروا بما فيه مخالفة أمر الله ورسوله فإنهم لا يستحقون أن يطاع أمرهم؛ لأن الله تعالى جعل أمرهم تبعًا لأمر الله ورسوله، ولهذا لما بعث النبي عليه والصلاة والسلام رجلاً على سرية وأمرهم بطاعته فصار في نفسه شيء عليهم، فأمرهم أن يجمعوا حطبا ويوقدوا فيه النار وأن يلقوا أنفسهم في النار، ولكن بعضهم قال لبعض: كيف نلقي أنفسنا في النار ونحن لم نؤمن بالرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا خوفًا منها؟
وامتنعوا، فلما قدموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبروه الخبر قال: "لو دخلوها ما خرجوا منها، إلى يوم القيامة، الطاعة في المعروف" (1) ولكن إذا أمرك من هو فوقك بأمر خلاف أمر الله ورسوله فهل من الحكمة أن تقول
__________
(1) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب سرية عبد الله بن حذافة، برقم (4340) ، ومسلم، كتاب للإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1840) .

الصفحة 513