كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 25)

نظراً لكثرة الذين يأتون إليَّ في عنيزة من أهل الرياض ومن غيرهم رأيت أنه لا بد أن أحظى بمقابلتكم في هذه الليلة التي يتم بها أربعون يوماً من هذا الحادث المؤلم الذي أصيب به المسلمون لا في الشرق الأوسط فحسب ولكن في جميع أقطار الدنيا؛ لأن هذا الحادث المؤلم لا شك أنه يسيء لسمعة المسلمين، إذ أن الأمم إذا رأت أن الأمة الإسلامية كالوحوش يأكل بعضها بعضاً ويعتدي بعضها على بعض على هذا النحو فإنها سوف تقول: لو كان إسلامها صحيحاً لم يصل بهم إلى هذا الحد.
ولا يعلم كثير من الناس أن الإسلام شيء والمسلمين شيء آخر، فالإسلام نزل من عند الله- عز وجل- من عند حكيم خبير حرَّم الله فيه الظلم وحرم فيه العدوان، وحرم فيه الكذب، وحرم فيه
الغش، وحرم فيه جميع مساوئ الأخلاق، وأمر بالعدل والإحسان، والخير والفضل حتى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل معروف صدقة" (1) .
إن هذا الحادث المؤلم يسيء أيضاً إلى سمعة العرب بالذات، لأن العرب كما تعلمون قد سُلطت عليهم الشرر، ولا أقول الأضواء من كل جانب حتى عدهم بعض الناس قراصنة هذا الزمن المخربين
الذين يدمرون ما يصلح الناس، فإذا وقع هذا من أمة عربية فإنه لا
__________
(1) رواه البخاري/كتاب الأدب/باب كل معروف صدقة برقم (5562) .

الصفحة 523