كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (اسم الجزء: 25)

قال الله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) (1) (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) (2) (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ) (3) تأمل أن الله قال عن الكفار:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ) (4) قال: (عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ) . وقال عن المنافقين (هُمُ الْعَدُوُّ) فَاحْذَرْهُمْ "وهم العدو": جملة خبرية معرفة الطرفين، تفيد عند أهل البلاغة الحصر، كأنه لا عدو للمؤمنين سوى المنافقين. وذلك لأن عدواتهم أشد وأغلظ وأنكى؟ لأنهم كما قال الله تعالى عنهم: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) ْ (5) يلاقيك المنافق، يسلقك بلسان من أحسن الألسن، وكلامٍ طيبٍ لينٍ
فيقول القائل: هذا هو عضدي، ونصيري، ولكنه إذا أدبر عنه كان عدوه. فالمنافق إذا لقي أحداً قام يتكلم عن الإسلام والأمة الإسلامية وما يجب على المسلم، وما يجب على المؤمن، فتقول: هذا
__________
(1) سورة النساء الآية: 142.
(2) سورة البقرة الآية: 9.
(3) سورة المنافقون، الآية: 4.
(4) سورة الممتحنة الآية: 1.
(5) سورة البقرة الآية: 14.

الصفحة 556