كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 1)

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا
أَرْسَلَ الرُّسُلَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا، مُبَشِّرِينَ لِمَنْ أَطَاعَهُمْ بِغَايَةِ الْمُرَادِ مِنْ كُلِّ مَا تُحِبُّهُ النُّفُوسُ وَتَرَاهُ نَعِيمًا؛ وَمُنْذِرِينَ لِمَنْ عَصَاهُمْ بِاللَّعْنِ وَالْإِبْعَادِ وَأَنْ يُعَذَّبُوا عَذَابًا أَلِيمًا، وَأَمَرَهُمْ بِدُعَاءِ الْخَلْقِ إلَى عِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} وَجَعَلَ لِكُلِّ مِنْهُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا لِيَسْتَقِيمُوا إلَيْهِ وَلَا يَبْغُوا عَنْهُ اعْوِجَاجًا. وَخَتَمَهُمْ بِمُحَمَّدِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلِ الْأَوَّلِينَ والآخرين، وَصَفْوَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الشَّاهِدِ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ الْهَادِي السِّرَاجِ الْمُنِيرِ الَّذِي أَخْرَجَ بِهِ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ وَهَدَاهُمْ إلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. {اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} .
بَعَثَهُ بِأَفْضَلِ الْمَنَاهِجِ والشِّرَعِ، وَأَحْبَطَ بِهِ أَصْنَافَ الْكُفْرِ وَالْبِدَعِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ أَفْضَلَ الْكُتُبِ وَالْأَنْبَاءِ، وَجَعَلَهُ مُهَيْمِنًا عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ كُتُبِ السَّمَاءِ. وَجَعَلَ أُمَّتَهُ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ، يُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً هُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ. هُوَ شَهِيدٌ عَلَيْهِمْ وَهُمْ شُهَدَاءُ عَلَى النَّاسِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِمَا أَسْبَغَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النِّعَمِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ وَعَصَمَهُمْ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى ضَلَالَةٍ إذْ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ يُبَيِّنُ مَا بَدَّلَ مِنْ الرِّسَالَةِ وَأَكْمَلَ لَهُمْ دِينَهُمْ وَأَتَمَّ عَلَيْهِمْ نِعَمَهُ وَرَضِيَ لَهُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا وَأَظْهَرَهُ عَلَى

الصفحة 2