كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 2)

وَبِمَنْزِلَةِ قُوَى النَّفْسِ مِنْ النَّفْسِ؛ وَعُبَّادُ الْأَصْنَامِ: اعْتَرَفُوا بِأَنَّهَا غَيْرُهُ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ عُبَّادَ الْأَصْنَامِ مِنْ الْعَرَبِ: كَانُوا مُقِرِّينَ بِأَنَّ لِلسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبًّا غَيْرَهُمَا خَلَقَهُمَا وَهَؤُلَاءِ لَيْسَ عِنْدَهُمْ لِلسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ رَبٌّ مُغَايِرٌ لِلسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ بَلْ الْمَخْلُوقُ هُوَ الْخَالِقُ. وَلِهَذَا جَعَلَ قَوْمَ عَادٍ وَغَيْرَهُمْ مِنْ الْكُفَّارِ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَجَعَلَهُمْ فِي عَيْنِ الْقُرْبِ وَجَعَلَ أَهْلَ النَّارِ يَتَمَتَّعُونَ فِي النَّارِ كَمَا يَتَمَتَّعُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ. وَقَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ: أَنَّ قَوْمَ عَادٍ وَثَمُودَ وَفِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ وَسَائِرَ مَنْ قَصَّ اللَّهُ قِصَّتَهُ مِنْ الْكُفَّارِ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَأَنَّهُمْ مُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَعَنَهُمْ وَغَضِبَ عَلَيْهِمْ فَمَنْ أَثْنَى عَلَيْهِمْ وَجَعَلَهُمْ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ وَمِنْ أَهْلِ النَّعِيمِ: فَهُوَ أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَهَذِهِ الْفَتْوَى لَا تَحْتَمِلُ بَسْطَ كَلَامِ هَؤُلَاءِ وَبَيَانَ كُفْرِهِمْ وَإِلْحَادِهِمْ فَإِنَّهُمْ مِنْ جِنْسِ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ والْإِسْمَاعِيلِيَّة الَّذِينَ كَانُوا أَكْفَرَ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَأَنَّ قَوْلَهُمْ يَتَضَمَّنُ الْكُفْرَ بِجَمِيعِ الْكُتُبِ وَالرُّسُلِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الجعبري لَمَّا اجْتَمَعَ بِابْنِ عَرَبِيٍّ - صَاحِبِ هَذَا الْكِتَابِ - فَقَالَ: رَأَيْته شَيْخًا نَجِسًا يُكَذِّبُ بِكُلِّ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ وَبِكُلِّ نَبِيٍّ أَرْسَلَهُ اللَّهُ.

الصفحة 130